حق الملكية في التشريع المغربي (مفهومه، نطاقه، القيود الواردة عليه)

تعتبر الملكية حقا عينيا أصليا، يمثل حجر الزاوية في النشاط الاقتصادي والاجتماعي، فماهو مفهومه؟ خصائه؟ نطاقه؟ والقيود الواردة عليه؟

 

حق الملكية


    عرف حق الملكية تطورا مستمرا عبر العصور باعتباره واحدا من أقدم الحقوق العينية التي تشكل ركيزة أساسية في النظم القانونية والاقتصادية المختلفة، ففي القانون الروماني مثلا كانت الملكية تعتبر سلطة مطلقة لصاحبها، تخوله الحق في الاستعمال والاستغلال والتصرف دون قيود تذكر، باستثناء بعض الضوابط التي أملتها الأعراف أو اعتبارات المصلحة العامة. أما في القانون الفرنسي، فقد تأثر مفهوم الملكية بالثورة الفرنسية ومبادئها، حيث كرست المادة 544 من القانون المدني الفرنسي حق الملكية باعتباره حقا مطلقا، لكنه خضع لاحقا لقيود تراعي المصلحة الجماعية.

أما الفقه الإسلامي، فقد أقرّ الملكية كحق شرعي، لكنه أضاف إليه بعدا أخلاقيًا واجتماعيًا، حيث جعل للمالك حقوقًا واسعة على ملكيته، لكن بشرط ألا يتعارض استعمالها مع مقاصد الشريعة أو يلحق ضررًا بالغير. وقد تبنى القانون المغربي هذه الفلسفة، إذ ضمن حق الملكية في الفصل 35 من الدستور، ونظّمه بتفصيل في مدونة الحقوق العينية، مع فرض قيود تهدف إلى تحقيق التوازن بين المصلحة الفردية والعامة من خلال م.ح.ع نفسها أو قوانين خاصة.

وهكذا، فحق الملكية يعد من أقدم الحقوق العينية وأهمها في المنظومات القانونية، إذ يمثل حجر الزاوية في النشاط الاقتصادي والاجتماعي لأي مجتمع. وقد حرصت التشريعات على حماية هذا الحق وتنظيمه، لما له من دور في تحقيق الاستقرار وضمان التصرف الحر في الأموال. إلا أن هذا الحق ليس مطلقًا، بل يرد عليه مجموعة من القيود التي تفرضها المصلحة العامة أو حقوق الغير.

فإلى أي حد يضمن القانون المغربي حق الملكية؟ وما هي حدوده القانونية؟

 

اقرأ أيضا: طرق الطعن غير العادية (النقض - تعرض الغير الخارج عن الخصومة - إعادة النظر)


المطلب الأول: مفهوم حق الملكية ونطاقه

          يعد حق الملكية من أهم الحقوق العينية التي يتمتع بها الأفراد، إذ يمنح صاحبه سلطة كاملة على الشيء المملوك، مما يمكنه من استعماله واستغلاله والتصرف فيه بحرية، في حدود ما يسمح به القانون. وقد حرص المشرع المغربي، انسجاما مع التشريعات المقارنة والمبادئ العامة، على تكريس هذا الحق وحمايته من أي مساس غير مشروع، غير أن نطاق الملكية لا يقتصر على سطح العقار فحسب، بل يمتد إلى أبعاده المختلفة، سواء من حيث العلو أو العمق أو التفرعات المتصلة به.

ولتحديد الإطار القانوني لهذا الحق، من الضروري التطرق بداية إلى مفهوم حق الملكية (فقرة أولى)، ثم بيان نطاقه القانوني (فقرة ثانية).

 

الفقرة الأولى: مفهوم حق الملكية

          أولا: تعريف حق الملكية

تنص المادة 14 من مدونة الحقوق العينية على: " يخول حق الملكية مالك العقار دون غيره سلطة استعماله واستغلاله والتصرف فيه، ولا يقيده في ذلك إلا القانون أو الاتفاق ". ويعني ذلك أن حق الملكية يعد من أوسع الحقوق العينية وأقواها من حيث السلطات التي يمنحها للمالك، أذ يخول لصاحبه سلطة الحصول على جميع المنافع التي يمكن الحصول عليها من الشيء موضوع الحق، ولكن في الحدود الذي تسمح به القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

ولا يقتصر حق الملكية على أصل الشيء وإنما يمتد إلى شمول فروعه وما ينتج عنه وإلى ثماره أيضا، فملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفيد في التمتع بها إلا إذا نص القانون أو الاتفاق على ما يخالف ذلك.

ويستنتج من هذا التعريف أن للملكية ثلاث عناصر؛ حق الاستعمال ويقصد به سلطة المالك في استعمال ملكه فيما يصلح له من وجوه الاستخدام، وحق الاستغلال ويراد به الحصول على ما يتولد أو ينتج عن الشيء من ثمار سواء كانت ثمار مادية (كالمحصولات الزراعية) أو ثمار مدنية (كالأكرية)، ثم حق التصرف والذي يخول سلطة إجراء جميع التصرفات على الشيء بشكل يستفيد منه صاحب الحق كليا أو جزئيا سواء كان هذا التصرف ماديا (كالهدم أو الإصلاح) أو قانونيا (كالبيع أو الهبة...) وهذا الحق الأخير هو أكثر ما يميز الملكية عن غيرها من الحقوق العينية الأخرى لأنه يبقى دائما في يد المالك أما الاستغلال والاستعمال فيمكن أن يثبتا لغير المالك.

ثانيا: خصائص حق الملكية

يتميز حق الملكية بعدة خصائص، أولها أنه حق عيني إذ يمنح صاحبه سلطة مباشرة على الشيء، كما أنه حق جامع بحيث أنه جامع لكل منافع الشيء، فهو يخول صاحبه كل السلطات الممكنة على الشيء إذ يمكن للمالك استعمال الشيء واستغلاله والتصرف فيه سواء تصرفا ماديا أو قانونيا، بالإضافة إلى كون أنه حق دائم، فالملكية تبقى ما دام الشيء باقيا ولا تزول إلا بزوال الشيء، ويمكن أن تنتقل من شخص لآخر بالبيع أو الوصية أو الإرث... وهذا لا يعني انتهائها وإنما فقط انتقالها من مالك لآخر، فهي لا تسقط بعدم الاستعمال وللمالك الحرية التامة في عدم استعمال ملكه مهما طال الزمن. إضافة إلى ذلك فحق الملكية هو حق مانع أي أنه مقصور لصاحبه فقط كأصل عام دون أن يتعداه إلى الغير، لكن قد تكون الملكية مشتركة لشخصين أو أكثر كأن يرث عدة أشخاص منزلا وهو ما يصطلح عليه بالملكية الشائعة، والشيوع إما يكون مصدره الاتفاق أو القانون كالإرث، وهو يعتبر حالة طارئة لذلك يمكن لكل مالك على الشياع أن يطلب القسمة طبقا للفصل 978 من ق.ل.ع. إضافة إلى ذلك يوجد ما يعرف بالملكية المشتركة التي تكون غير شائعة في بعض الأجزاء وشائعة في الأجزاء المشتركة.

 

 

الفقرة الثانية: نطاق حق الملكية

يمتد نطاق حق الملكية ليشمل تفرعات العقار وما يعلوه وما يوجد في عمقه، فبالنسبة للتفرعات فتنص المادة 16 من م.ح.ع على: " مالك العقار يملك كل ملحقاته وما يدره من ثمار أو منتجات وما يضم إليه أو يدمج فيه بالالتصاق." وبالتالي فنطاق الملكية واسع لدرجة أنه يشمل ما ينتج عنه من غلة وما يدمج فيه بالالتصاق، وعليه فإن للمالك الحق في ثمار العقار سواء كانت طبيعية (وهي التي تغلها الأرض دون تدخل الانسان كالكلأ) أو صناعية (التي يتحصل عليها من زراعة الحقول) وأيضا الثمار المدنية كالسومة الكرائية، ولا يمنعه الحق فيها إلا الاتفاق (كتنازله عنها لفائدة الغير) أو وجود نص قانوني يمنعها عنه للغير كما جاء في الفصل 103 من ق.ل.ع الذي يعطي الحق للحائز حسن النية في ثمار الشيء إلى يوم رفع دعوى رد الشيء.

أما بالنسبة لنطاق الملكية من حيث العمق، فيمكن للمالك أن يستفيد من عمق أرضه ببنائه أو التنقيب فيه أو التصرف فيه كيف يشاء ولكن تحت قيد القانون أو الاتفاق، وبالتالي فيمكنه أ، يقيم فيه أبنية أو أنفاقا أو دهاليز، كما يمكنه التصرف فيه البيع أو الهبة، فيبيح لغيره مثلا أن يبني كهفا أو نفقا أو بئرا، لكن وفقا للقوانين والأنظمة التي سنعود للحديث عنها في المطلب الثاني.

ومن حيث العلو فللمالك التمتع كيفما يشاء بعلو أرضه كأن يتصرف فيه ببيعه أو التنازل عنه أو أن ينشأ فيه بنايات أو أغراس وغيرها طبقا للمادة 140، كما يحق له منع الغير من الاعتداء على هواء أرضه، إلا أن حق المالك في الهواء الذي يعلو أرضه بدوره ليس مطلقا بل ترد عليه جملة من القيود التي تقتضيها المصلحة العامة، ومن ضمنها الارتفاقات والتحملات العقارية، والقيود المتصلة بحق المرور والمقررة لمصلحة الملاحة الجوية، وغيرها...

 

اقرأ أيضا: القواعد الآمرة والقواعد المكملة في القانون، تعريفهما والتمييز بينهما مع أمثلة عن كل واحدة


المطلب الثاني: القيود المقررة على حق الملكية

على الرغم من كون أن حق الملكية يعد من أقوى الحقوق العينية التي تخول لصاحبها سلطات واسعة على الشيء، إلا أن هذا الحق ليس مطلقًا، بل يرد عليه مجموعة من القيود التي تهدف إلى تحقيق التوازن بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة، ومنع أي تعسف قد ينجم عن الاستعمال غير المشروع للملكية.

وتتنوع هذه القيود بين تلك التي تفرضها النصوص التشريعية، كمنع التعسف في استعمال الحق والحد من مضار الجوار (فقرة أولى)، وأخرى أكثر صرامة كنزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة، بالإضافة إلى القيود الاتفاقية التي قد يفرضها المالكون أنفسهم عند التصرف في أملاكهم (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: القيود المقررة لمنع الإساءة في استعمال الحق والمقرر لرفع مضار الجوار

          عند الحديث عن القيود المقررة لمنع إساءة المالك في استعمال ملكيته يبرز مفهوم التعسف كأحد أهم مظاهر إساءة استعمال حق الملكية، ويراد به في المعنى الاصطلاحي استعمال الحق على وجه غير مشروع، وبالرغم من عدم نص المشرع المغربي صراحة على هذه النظرية لا سابقا في ظهير 19 رجب الملغى بالمادة 333 من م.ح.ع ولا حاليا في المدونة، إلا أنه يمكن الاستناد إلى بعض النصوص المضمنة بمدونة الحقوق العينية لإقرار هذه النظرية ومنها المادتين 14 و 19 اللتين تنصان على أنه لصاحب حق الملكية سلطة استعماله واستغلاله والتصرف فيه لكن في حدود القانون أو الاتفاق أو الأنظمة الجاري بها العمل، كما أن المادة 20 نصت على أنه لا يسوغ لمالك العقار التصرف فيه تصرفا ضارا بحقوق الغير المتعلقة بذلك العقار، والمادة 21 نصت على أنه لا يسوغ لمالك العقار أن يستعمله استعمالا مضرا بجاره ضررا بليغا. وبالتالي فمدونة ح.ع تكون بهذا قد أقرت نظرية التعسف في استعمال الحق بشكل ضمني، عكس ق.ل.ع الذي نص عليها في بعض الفصول بشكل صريح كالفصل 94 الذي جاء فيه، لا محل للمسؤولية المدنية إذا فعل شخص بغير قصد الإضرار ما كان له الحق في فعله.

          علاوة على ذلك، قد ينتج عن استعمال المالك لعقاره ضرر بمن يجاور ذلك العقار، كأن يقيم المالك فوق أرضه معملا يؤدي جيرانه بالدخان أو يزعجهم بالضجيج أو يفتح نوافذ تطل على جيرانه وغيرها... وفي هذا الصدد قد ميزت مدونة الحقوق العينية في القيود المتعلقة بمضار الجوار بين تلك المتعلقة بالحائط المشترك والطريق الخاص المشترك فأدرجتهم ضمن الأحكام المنظمة لحق الملكية، والقيود المتعلقة بحق المسيل أو الصرف أو فتح المطلات على أرض الجار حيث تم ادراجها ضمن الارتفاقات القانونية.

          وعموما فقد نظم المشرع المغربي أحكام الحائط المشترك في المواد من 28 إلى 31 من م.ح.ع، والخلاصة التي يمكن أن نجنيها من هذه المواد بعد قراءتها هي أن الحائط الفاصل بين عقارين يعتبر مشتركا بين الجيران ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك، ويحق لكل شريك استعمال الحائط المشترك للغرض الذي أُعد له، بشرط عدم تجاوز طاقته أو الإضرار بشريكه، مع احترام القوانين والأنظمة، ومع الإشارة إلى أن النفقات الضرورية لإصلاح الحائط يتحملها الشركاء حسب حصصهم.  كما أنه لا يجوز لأحد الشريكين التصرف في الحائط المشترك بإقامة بناء أو منشآت إلا بموافقة الآخر، إلا في حالة التعلية إذا كانت لصاحبها مصلحة جدية، حيث يتحمل وحده النفقات ويضمن عدم الإضرار بجاره.  وفي حالة التعلية، يحق للجار الآخر أن يشارك في الجزء المعلى إذا دفع نصيبه من النفقات وقيمة الأرض.

أما الطريق الخاص المشترك فقد تناوله المشرع في المواد من 32 إلى 36 من م.ح.ع، حيث نص على أن الطريق الخاص المشترك هو ملك مشاع بين من لهم حق المرور فيه، ولا يجوز لأحد الشركاء إجراء تغييرات فيه إلا بموافقة الآخرين.  ولا يمكن للشركاء المطالبة بقسمته أو تفويته بشكل مستقل، كما لا يمكن سد مدخله إلا إذا استغني عنه، ولا يسمح لأي شريك بالتصرف في حصته إلا مع تصرفه في العقار المرتبط بالطريق.  هذا ولا يعد إغلاق الشريك بابه المفتوح على الطريق مسقطا لحقه في المرور، ويمكنه أو خلفه إعادة فتحه لاحقا.  بالإضافة إلى ذلك، لا يجوز لغير الشركاء فتح أبواب أو المرور في الطريق الخاص، إلا للضرورة عند الاتصال بالطريق العام.  ويتحمل الشركاء مصاريف إصلاح الطريق المشترك بنسبة حصصهم، ويحق لباقي الشركاء مطالبة الممتنع قضائيا بتحمل نصيبه من المصاريف.

في حين أن حق المسيل أو الصرف نظمته المدونة في المواد من 60 إلى 63 لضمان التوازن بين حقوق الملاك، وحسب هذه المواد تلزم الأراضي المنخفضة بقبول المياه الطبيعية من الأراضي العالية دون تدخل، مع منع أي عمل يزيد العبء عليها.  يسمح للملاك باستعمال مياه الأمطار وتصريفها بشرط عدم الإضرار بالجيران، وفي حالة الضرر يحق للمتضرر طلب تعويض مع مراعاة القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.  كما تفرض هذه المواد تصريف مياه الأبنية ومياه الصرف بطريقة لا تضر بعقار الجيران، مع إمكانية تمرير المياه الزائدة عبر عقارات الغير مقابل تعويض مناسب.  والظاهر أن المشرع يهدف من خلال هذه المواد إلى منع التعسف في استعمال الحقوق العقارية وحماية حقوق الجوار فيما يتعلق بالأضرار التي يمكن أن تنتج عن المياه السائلة أو الفوائد التي قد تجنيها الأرض منها.

     أما فيما يتعلق بفتح المطلات على الأراضي المجاورة فنجد أن المواد من 66 إلى 68 من المدونة تنظم حق المطل بما يوازن بين حرية المالك في التصرف في ملكيته وحماية خصوصية الجار. وبالرجوع إلى المادة 66 نجد أنها تمنع فتح نوافذ أو فتحات في الحائط الملاصق لعقار الجار إلا برضاه، بينما تجيز المادة 67 لمالك البناء على حدود أرضه دون مراعاة فتحات الجار المفتوحة على ملكه، ما لم يُنص على خلاف ذلك باتفاق. أما المادة 68 فتحدد مسافات دنيا لفتح الشرفات أو المطلات باتجاه عقار الجار (مترين للمطلات المواجهة ومتر للمنحرفة)، مع استثناء المطلات على الطريق العامة التي تم استثناؤها من هذا المنع. وبهذا تكون هذه المواد قد رسخت مبدأ منع التعسف في استعمال الحق، حيث تقيد حرية المالك لتجنب الإضرار بخصوصية الجار أو التعدي على حقوقه.

 

الفقرة الثانية: القيود المقررة للمصلحة العامة والقيود الاتفاقية

          حرية الفرد في التصرف في ملكه تنتهي عند تعارضها مع المصلحة الجماعية، حيث تتدخل الدولة لتوجه الحقوق شكلا ومضمونا في خدمة سياستها الاقتصادية والاجتماعية، ومنها القيود التي تحد من سلطة المالك على علو أرضه كالقوانين المنظمة للملاحة الجوية التي تمنح الحق للطائرات والمركبات الهوائية بالطيران فوق الأملاك الخاصة، وأيضا القيود التي تحد من سلطة المالك على أعماق أرضه حيث لا يجوز له فتح المقالع أو التحري عن المناجم واستغلالها ومن التنقيب عن التحف إلا ضمن شروط معينة، إضافة إلى قانون التعمير الذي يمنع على المالك القيام بالبناء أو إدخال تغييرات على المباني دون الحصول على رخصة بذلك يسلمها رئيس المجلس الجماعي.

ومن بين أهم القيود التي ترد على حق الملكية، نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، وهو إجراء استثنائي يخول للدولة والجماعات الترابية إمكانية نزع ملكية الأفراد لتحقيق مشاريع ذات طابع عام، كإنشاء الطرق أو المستشفيات أو المرافق العمومية. وقد نظم المشرع المغربي هذا الإجراء من خلال القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، حيث اشترط أن يتم النزع بحكم قضائي يحدد دوافع المنفعة العامة، مع إلزام الجهة النازعة بأداء تعويض عادل للمالك، وفق معايير تضمن عدم الإضرار بحقوقه المالية.

وإلى جانب القيود القانونية، قد يتقيد حق الملكية بإرادة الأطراف أنفسهم من خلال القيود الاتفاقية، التي تفرض بموجب عقود أو التزامات بين المالكين. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يتفق المالك على عدم البناء بعلو معين أو تخصيص العقار لغرض محدد، كما هو الحال في العقارات الخاضعة لنظام الملكية المشتركة، حيث تفرض أنظمة التسيير المشتركة قيودًا تتعلق بطريقة التصرف في العقارات. وتعد هذه القيود نافذة طالما أنها لا تتعارض مع النظام العام، مما يضيف بعدًا تعاقديًا لتقييد الملكية في بعض الحالات.

 

الخاتمة

يعد حق الملكية من الحقوق الأساسية التي يكفلها القانون المغربي، وهو يوفر للمالك سلطات واسعة على ملكيته، لكنه ليس مطلقًا، بل تحده مجموعة من القيود التي توازن بين حقوق الأفراد والمصلحة العامة. ويتجلى ذلك في قوانين التعمير، وحقوق الجوار، ونزع الملكية لأجل المنفعة العامة، مما يعكس فلسفة المشرع المغربي في ضمان الملكية الفردية دون الإضرار بالمصلحة الجماعية. وبالتالي، فإن التنظيم القانوني لحق الملكية يعكس توازنًا دقيقًا بين الحرية الاقتصادية ومتطلبات التنظيم العمراني والاجتماعي.


اقرأ أيضا: الفرق بين مسطرة الوقاية الداخلية والخارجية من صعوبات المقاولة

 

المراجع:

-       القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 الصادر في 25 من ذي الحجة 1432 (2011 نوفمبر 22).

-       مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي، الجزء الثاني (الحقوق العينية الأصلية والتبعية)، العربية للطباعة والنشر، الرباط، الطبعة الثانية، 1987.

-       ادريس الفاخوري، الحقوق العينية وفق القانون رقم 39.08، دار نشر المعرفة، الرباط، 2013.

 

 

إرسال تعليق

حقوق النشر © قانوني - Qanony جميع الحقوق محفوظة
x