![]() |
تعزيز الرقابة والإشراف القضائي على عمل الشرطة القضائية
ينص مشروع القانون الجديد على أن ضباط الشرطة القضائية في مهامهم القضائية يخضعون للسلطات القضائية وفقًا لما جاء في الفصل 128 من الدستور المغربي. وقد أُكد على أن هؤلاء الضباط يتلقون توجيهاتهم القضائية من رؤسائهم القضائيين.
إضافةً إلى ذلك، يقترح المشروع تعيين ضباط الشرطة القضائية من خلال قرار مشترك بين رئيس النيابة العامة والسلطة الحكومية التي يشرفون عليها إداريًا. كما سيتم إحداث فرق وطنية وجهوية للشرطة القضائية بناءً على قرار مشترك بين نفس الأطراف.
إجراءات وقائية لتعزيز الشفافية ومنع التعذيب
وفي إطار المواءمة مع المعايير الدولية، أضاف مشروع القانون آليات جديدة تهدف إلى الوقاية من التعذيب.
تشمل هذه الآليات إلزام ضباط الشرطة القضائية بإخضاع الأشخاص المحتجزين لفحص طبي بعد إشعار النيابة العامة إذا لوحظت عليهم علامات مرضية أو إصابات. وقد نص القانون على اعتبار أي اعتراف يدون في محضر الشرطة القضائية باطلًا إذا رفض الفحص الطبي الذي طلبه المتهم أو دفاعه.
تعزيز حق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة
اعتبر مشروع القانون الجديد أن حقوق الدفاع عنصر أساسي لا يمكن تجاهله في إجراءات المحاكمة.
أشار المشروع إلى ضرورة حضور المحامي أثناء الاستماع إلى الأحداث أو الأشخاص المصابين بإعاقات معينة من طرف ضباط الشرطة القضائية، بعد الحصول على ترخيص من النيابة العامة. كما أكد على ضرورة استدعاء المحامي قبل كل استنطاق للمتهم من طرف قاضي التحقيق بمدة لا تقل عن عشرة أيام، لضمان حقه في الاطلاع على الملف.
تطوير العدالة الجنائية: من الوقاية من التعذيب إلى تعزيز مسطرة الصلح
يهدف مشروع القانون إلى تطوير آليات العدالة الجنائية من خلال إجراءات وقائية وتحسينية شاملة.
واستحدث المشروع أيضًا آليات جديدة تهدف إلى تعزيز مسطرة الصلح، بما في ذلك توسيع نطاق الجرائم القابلة للصلح والاستغناء عن مصادقة القاضي على الصلح. كما أُدخل مفهوم الوساطة الجنائية، حيث يمكن للأطراف تعيين وسيط لحل النزاع.
تعزيز الرقابة على الاعتقال الاحتياطي وتحسين الضمانات القانونية
يسعى مشروع القانون إلى ترشيد الاعتقال الاحتياطي بوصفه تدبيرًا استثنائيًا، من خلال وضع ضوابط قانونية أكثر دقة.
يشمل ذلك تقليص مدة الاعتقال الاحتياطي وتحديد حالات اللجوء إليه، مع إعطاء النيابة العامة حق الطعن في أوامر الاعتقال الصادرة. كما نص المشروع على ضرورة تسجيل التصريحات السمعية البصرية للمشتبه فيهم أثناء توقيعهم على المحاضر.
نحو نظام جنائي أكثر شمولية وشفافية
أخيرا، يسعى المشروع الجديد إلى تعزيز الشفافية في النظام الجنائي المغربي من خلال مراجعة شاملة لقانون المسطرة الجنائية.
وتم تقليص عدد تمديدات الاعتقال الاحتياطي في الجنايات من خمس مرات إلى مرتين، إلا في حالات معينة مثل قضايا الإرهاب وأمن الدولة. كما يهدف المشروع إلى تحسين شروط الحراسة النظرية من خلال إضافة آليات جديدة للرقابة القضائية وضمان حقوق المتهمين.
تحسين شروط الحراسة النظرية وضمانات حقوق المتهمين
يقدم مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد تعديلات تهدف إلى تحسين شروط الحراسة النظرية، وضمان حقوق المتهمين بشكل أكبر.
ينص المشروع على زيادة الضمانات القضائية أثناء فترة الحراسة النظرية، بما في ذلك تمكين المتهم من الاتصال بمحاميه، وحقه في إبلاغ أسرته بمكان وجوده. كما أضاف المشروع ضرورة وجود تقرير طبي يتم إعداده خلال 24 ساعة من بدء الحراسة النظرية، إذا طلب ذلك المتهم أو محاميه، أو إذا كانت هناك إشارات على سوء المعاملة.
تعزيز الشفافية في عمل القضاء المغربي
يركز مشروع القانون أيضًا على تعزيز الشفافية والمساءلة في عمل القضاء، من خلال آليات جديدة للمراقبة والإشراف.
إحدى هذه الآليات هي توفير وسائل تسجيل صوتي ومرئي لجلسات الاستماع والتحقيقات، ما يمنع التلاعب بالمعلومات ويوفر دليلًا موثوقًا يمكن الرجوع إليه. كما يعزز المشروع دور قاضي التحقيق في مراقبة الإجراءات والتأكد من احترام الحقوق الدستورية للمتهمين.
مواءمة القانون المغربي مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان
يسعى مشروع القانون إلى مواءمة النظام القانوني المغربي مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، من خلال تعديلات تضمن الحماية الفعالة لحقوق الأفراد.
ومن بين التعديلات المهمة التي يتضمنها المشروع، إدراج تعريفات دقيقة لمفاهيم التعذيب وسوء المعاملة، واستحداث آليات لتلقي الشكاوى المتعلقة بهذه الأمور ومتابعتها بشكل فعال. كما يُلزم المشروع السلطات القضائية بمتابعة أي ادعاءات تتعلق بالتعذيب أو سوء المعاملة بجدية وإجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة.
تعزيز حقوق المتهمين في مراحل التحقيق والمحاكمة
يحرص المشروع على تعزيز حقوق المتهمين في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة، وضمان حصولهم على محاكمة عادلة.
ينص المشروع على توفير شروط المحاكمة العادلة، بما في ذلك الحق في الدفاع، والحق في الاطلاع على الأدلة، والحق في الاستئناف. كما يضع المشروع شروطًا صارمة لاحتجاز الأفراد، ويوفر لهم إمكانية الوصول إلى الدعم القانوني والنفسي والاجتماعي خلال فترة التحقيق والمحاكمة.
دعم حقوق الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة في الإجراءات القضائية
يهتم المشروع بشكل خاص بحماية حقوق الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة في الإجراءات القضائية، وضمان مراعاة احتياجاتهم الخاصة.
ينص المشروع على ضرورة تعيين محامٍ للدفاع عن الأطفال والمصابين بإعاقات عقلية أو جسدية أثناء التحقيقات، وضمان معاملتهم بإنسانية واحترام. كما يوفر المشروع إجراءات خاصة للتعامل مع هؤلاء الفئات، بما في ذلك توفير مترجمين ولغويين متخصصين لمساعدتهم في فهم الإجراءات القانونية التي يتعرضون لها.
يأتي مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد في إطار جهود المغرب لتعزيز سيادة القانون وتحديث المنظومة القضائية بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. تساهم هذه التعديلات في تحقيق توازن أفضل بين حقوق الأفراد وضرورة الحفاظ على النظام العام، مما يعزز من شفافية الإجراءات القضائية ويدعم مصداقية النظام القضائي المغربي. ومع المضي قدمًا في تطبيق هذه الإصلاحات، يُنتظر أن تُحدث تحولاً إيجابيًا في تجربة العدالة بالمغرب، مما يرسخ مبادئ المحاكمة العادلة ويعزز ثقة المواطنين في مؤسساتهم القضائية.
اقرأ ايضا: